أكد الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين أن افتتاح الدولة الصهيونية لكنيس الخراب ـ أعلى وأضخم كنيس يهودي ـ هو بداية لتحقيق نبوءة حاخام يهودي ادعى هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم خلال العام الجاري، وطمس المعالم الإسلامية في مدينة القدس، وإنهاء الوجود الإسلامي في المدينة المقدسة.
وأوضح التميمي أن ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى التراث اليهودي هو أكبر دليل على المخطط الصهيوني الذي يهدف إلى هدم المسجد، مؤكدا تقاعس الأمة العربية والإسلامية عن نصرة المسجد الأقصى، في ظل التواطؤ الدولي مع إسرائيل.
وكان لشبكة الإعلام العربية "محيط" هذا الحوار مع الشيخ تيسير التميمي للوقوف على أخر التطورات في الأراضي المقدسة.
محيط: في البداية، نريد معرفة تداعيات قرار الدولة الصهيونية بجعل مسجد بلال بن رباح والحرم الإبراهيمي ضمن التراث اليهودي وافتتاح كنيس الخراب؟
قرار الدولة الصهيونية باعتبار مسجد بلال بن رباح والحرم الإبراهيمي ضمن التراث الدين اليهودي يبشر بانتفاضة فلسطينية واسعة، وقد يؤدي إلى حرب دينية في المنطقة بأسرها، والدليل على ذلك وجود مواجهات عنيفة في الخليل بين الشعب الفلسطيني وقوات الاحتلال، حيث جرح العديد من الشباب الفلسطيني في الاشتباكات العديدة خلال الآونة الأخيرة، والتي أدت إلى استخدام قوات الاحتلال إلى استخدام الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع .
وهدف نتنياهو من وراء هذا القرار المستفز هو تحقيق سياساته ورؤياه في تحقيق يهودية الدولة بضم مدينة القدس بالكامل ، بالإضافة إلى ضم الخليل وبيت لحم بالكامل إلى الكيان الصهيوني.
هناك خطوات قامت بها إسرائيل سبقت قرار ضم الحرم ومسجد بلال وافتتاح الكنيس، ببناء مستوطنة كبيرة في منطقة الخليل شرق الحرم الإبراهيمي تسمى مستوطنة "جريات "، ثم جاءت بأشد المستوطنين تعصباً وعداوة وحقداً على الإسلام والمسلمين، وأسكنتهم بجوارهم، ثم سمحت إسرائيل للمستوطنين بدخول الحرم بحجة الزيارة، وبدأوا استفزازنا بإلقاء الأحذية والكراسي و"البصق" في وجوهنا، وإدخال الكلاب علينا أثناء الصلاة، فضلاً عن ارتكاب الفاحشة أمام أعيننا أثناء الصلاة، وقاموا بتمزيق المصحف الشريف.
أنا أؤكد لك أن اتفاق الخليل الأمني، بين السلطة الفلسطينية وتل أبيب الذي حدث بعد مجزرة الخليل، جعل السيطرة الأمنية فيه لإسرائيل.
مخطط لهدم المسجد الأقصى
محيط: برأيك ما هو دور الشعب الفلسطيني لمواجهة الممارسات الصهيونية بعد افتتاح كنيس الخراب في ضوء استمرار الخلاف الفلسطيني الفلسطيني حتى الآن؟
الشعب الفلسطيني أعزل، ولا يستطيع أن يواجه هذا الاحتلال وتلك الممارسات الصهيونية بمفرده، لكننا علينا أن نقاوم هذا بشتى الوسائل والسبل، ببذل كل غالي ونفيس حتى يتحقق لنا النصرة، إلا أننا نطالب قبل كل هذا بضرورة تحقيق المصالحة والتوقيع عليها وتنازل كل من حكومة "فتح" وحركة "حماس" عن بعض الأشياء لتمرير المصالحة والوقوف سويا للدفاع عن المقدسات الإسلامية وتحرير المسجد الأقصى من نجس اليهود .
وفي الحقيقة، أنا متشائم جدا من الحال التي وصلت إليه المصالحة، في ظل التعنت الموجود من الجانبين، خاصة وأن المصالحة تسير في خطا مضطربة، وإذا استمرت هذه الممارسات بين الفصائل الفلسطينية وخاصة بين فتح حماس، فسيكون هذا كارثة على الشعب الفلسطيني.
الممارسات الإسرائيلية تسببت في حدوث انهيار على عمق أكثر من مترين في مركز القدس القديمة "باب خان الزيت" وهي البلدة القديمة المجاورة للمسجد الأقصى، كما أن إسرائيل تقوم بحفريات مستمرة في المسجد الأقصى، وفى كل مدينة القدس، وأنا أخشى أن ينهار القدس باستمرار المخططات الصهيونية التي بدأت في تنفيذها إسرائيل، هم يراهنون على زلزال أو أي حادثة يستطيعوا من خلالها هدم معالم المدينة بمعالمها الأثرية والتاريخية لإقامة كنس وأبراج يهودية، وقد تم افتتاح كنيس الخراب اليهودي ليكون بداية لبناء الهيكل الثالث وهدم المسجد الأقصى، وإنهاء أي معلم عربي أو إسلامي في المدينة.
محيط:هل هذا الخلاف بين الفصائل الفلسطينية يبشر بانتفاضة في أوساط الشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلات الاحتلال ؟
لا أتمنى أن يحدث هذا، ولكن يجب أن تكون الانتفاضة ضد المحتل الذي بدأ يقوم بإجراءات عملية لضم المدينة بأكملها إلى سيطرته والتمهيد في هدم المسجد الأقصى.
وأرى بأن هناك مبشرات ببدء انتفاضة ثالثة في كل من منطقة الخليل والقدس وبيت لحم، وستستمر هذه الانتفاضة ولن تتوقف، ولكن قد تكون هذه الانتفاضة "خطأ" وسابقة لأوانها، فهناك أمور أولية يجب أن تتم قبل اندلاع هذه الانتفاضة، وإلا سيكون قرار الانتفاضة هذا بمثابة الانتحار، فيجب أولاً تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، وإلا سوف تحدث اشتباكات في الانتفاضة بين هذه الفضائل بعضها مع البعض، بدلا من اشتباكاتهم مع قوات الاحتلال.
إنّ عدم إتمام المصالحة من الأسباب الرئيسية التي استفادت منها إسرائيل لتهويد القدس، ووضع الحرم الإبراهيمي الشريف على قائمة التراث اليهودي الديني.
تجاهل عربي ودولي
محيط: هل هناك تجاهل عربي أو إسلامي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى ومدينة القدس؟
أقول لك "صباح الخير.. هو في مسلمين ولا عرب أصلا.. خليها على الله"، لا يوجد تواجد عربي ولا إسلامي، وأنا أناشدهم بأن يتقوا الله، كما أناشد الفصائل الفلسطينية بإنهاء هذا الصراع الفاشل بينهم، والذي ضيع القدس بين جنبات الاستمرار فيه.
أناشد الأمة العربية والإسلامية قادة وحكومات ومنظمات وشعوبًا، التحرك الجدي العاجل لدرء هذا الخطر الجديد والعدوان العلني على المقدسات في فلسطين، وأنا أحمل المجتمع الدولي ومؤسساته المسئولية الكاملة عن ترك العنان لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، لتنتهك كل الحرمات، ولتقترف الجرائم ضد المقدسات في الأراضي المحتلة، وضد كل ما هو فلسطيني.
محيط: ما هو الجدوى من الصناديق التي نسمع عنها مثل "صندوق تبرعات الأقصى" والتي تحصل على ملايين الدولارات؟
أنا أؤكد لم أن العرب ومنهم ورائهم المسلمون لا يقومون بواجبهم، والانقسام الفلسطيني "زاد الطين بلة"، وما يدعيه العرب من التباهي والتفاخر في إرسال المساعدات للشعب الفلسطيني ونصرة المسجد الأقصى حديث باطل، نحن نريد مساندة فاعلة وتحرك جدي لإنقاذ المسجد الأقصى والمدينة المقدسة قبل فوات الآوان.
محيط: سمعنا عن تشكيل لجنة من الجامعة العربية لحماية مدينة القدس من الخطر الصهيوني؟
من يحمي القدس وممن يحميها .. إسرائيل تعمل الآن في الأقصى دون أن يقف في وجهها أحد .. لا يوجد هناك فكرة حتى للوقوف أمام إسرائيل.. هذا كلام يقال وليس له أي فاعلية.
محيط: لماذا تراجع الاهتمام العربي والإسلامي عن قضية القدس رغم الاهتمام الملحوظ للقضية في مطلع الألفية الجديدة؟
"أنا حينما أتحدث مع العرب، وأقول لهم يجب أن تقوموا بواجبكم الديني والعقدي اتجاه القدس ، يقولوا لي اذهبوا أولا انهوا انقسامكم وبعدها تكلموا معنا"، وهو ما نبهت عليه بأن المصالحة وعدم إتمامها بين الفصائل الفلسطينية ستقف حجر عثرة أمام كل شيء، وستجعل للموقف الدولي عائقا أمام الاعتراف بحقوقنا.
محيط: هل هناك جهات تقف عقبة وراء المصالحة الفلسطينية؟ وما هو رأيك في المشروع الذي تقدمه القاهرة من إتمامها؟
أنا لا أدري من يقف عقبة أمام المصالحة، ولكنى اشعر أن هناك قوة خفية تقف حائلا دون إتمامها، إلا أنني لا أستطيع أن اتهم أحدا لأني قاضي ولا أفتي إلا ببينة، وأنا أتكلم ولا أخشى في الله لومة لائم، لكن هناك قوة خفية تعطل المصالحة ولو لمستها لأعلنت عنها.
مشروع المصالحة الذي ترعاه القاهرة فيه شفافية ومصلحة لحماس، إلا أن حماس تتلكأ في الاتفاق، ولا أدري إن كان هناك قوة تدفع حماس لرفض هذه المصالحة أم لا؟ ولكنى أرى أنها تتلكأ في إتمام المشروع، رغم إعلانها بين الوقت والآخر باستعدادها للمصالحة وإنهاء الخلاف.
محيط: هل هناك فترة زمنية معينة تضعها إسرائيل لهدم الأقصى ومدينة القدس وتهويدها تهويدا كاملا؟
نعم بالطبع، فهناك خرافة يتحدثون عنها الإسرائيليون بأن نبوءة لحاخام يهودي في القرن الثامن عشر حكت عن ضرورة هدم المسجد الأقصى في ذكرى خراب الهيكل في شهر مارس القادم، وإقامة الهيكل المزعوم في مكانه.
تصفية القضية الفلسطينية
محيط: ما هي حالة الشعب الفلسطيني تجاه هذه الانتهاكات الإسرائيلية؟ وما هو دور دار القضاء الفلسطيني لحماية القدس؟
هناك إحباط في أوساط الشعب الفلسطيني، خاصة وأنهم لا يجدون عونا لهم، بالإضافة إلى ما يجدونه من حكوماتهم سواء حكومة "فتح" أو "حماس".
إلا أننا لا نقف مكتوفي الأيدي، ولنا دور ملحوظ يقدر بقدر إمكانياتنا، فنحن نتابع آخر التطورات التي تحدث للمسجد الأقصى، ونحاول أن نقف بكل جهدنا في وجه العدو الصهيوني، ولكن نحن نحتاج العون ولا نجده.
محيط: هل هناك ممارسات إسرائيلية تخطط لتدمير الشباب الفلسطيني؟
نعم هناك ممارسات إسرائيلية تهدف لضرب الشباب الفلسطيني وتدميره عن طريق ترويج المخدرات وبيوت الدعارة وكل هذا يهدد شبابنا، لكن نحن نحاول أن نقف ضد هذه المخططات الصهيونية وندعو الأمة العربية والإسلامية لمساندة الشعب والشباب الفلسطيني.
هناك مذبحة ضد الشعب الفلسطيني لتصفية القضية وعلى العرب والمسلمين أن يتحركوا قبل فوات الأوان قبل أن يهدم المسجد ويطرد الفلسطينيون.
محيط: هل إسرائيل تتجه الآن في ظل هذه الظروف لتصفية القضية الفلسطينية؟
هناك فرصة ذهبية الآن لإسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية في ظل التواطؤ الدولي والانقسام الفلسطيني والغياب والتخاذل العربي والإسلامي، وخير دليل على هذا ما فعله نتنياهو بجعل مسجد بلال بن رباح والحرم الإبراهيمي ضمن التراث اليهودي، والحرم الإبراهيمي هذا مسجد إسلامي، ولا يوجد فيه أي معلم من المعالم التي تزعمها إسرائيل، ويقول الله تعالى في كتابه الحكيم " مَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً ولا نَصْرَانِيّاً ولَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ".
في مطلع القرن الماضي، ادعا اليهود أن لهم حق زيارة الحرم وقبور الأنبياء، فقام الانتداب البريطاني وقتها بتشكيل لجنة من العلماء المسلمين والحاخامات اليهود، وخلصت اللجنة بأن اليهود لا حق لهم في زيارة الحرم، وأن هذه المعالم هي معالم إسلامية وعربية ولا علاقة لليهود بها.
حتى قبر السيدة راحيل هو قبر زوجة سيدنا يعقوب، وقد شيد المسلمون حولها مسجداً، احتراماً لمقامها كزوجة نبي، فجاءت إسرائيل لتبنى جدارا يحاصر المنطقة بأكملها، بما فيها المقبرة الإسلامية حول المسجد، ومنعت المسلمين منذ زمن بعيد من الوصول إليه، حيث فصل هذا الجدار بين المسلمين وبين مسجد بلال بن رباح والمقبرة الإسلامية، والهدف من كل هذا هو تهويد المنطقة بكاملها.
تاريخ التحديث :-
توقيت جرينتش : الاثنين , 15 - 3 - 2010 الساعة : 6:33 مساءً
توقيت مكة المكرمة : الاثنين , 15 - 3 - 2010 الساعة : 9:33 مساءً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق